الراديو الرقمي
تكنولوجيا البث الإذاعي الرقمي مثلها مثل تكنولوجيا البث التليفزيوني الرقمي فهي تتيح ارسال عدة قنوات صوتيه في حزمة صغيرة من الترددات وتستقبل برامجه بواسطة هوائي صغير. بمعنى آخر فإن هذه التكنولوجيا تشغل مساحة أصغر من الطيف (spectrum) . على سبيل المثال نجد أن سبع قنوات تناظريه يمكن أن تشغل حالياً حوالي 9MHz في حين أن نفس القنوات فيما لو تحولت إلى البث الرقمي فإنها ستشغل بحد أقصى 1.5MHz . المحطات الرقمية تبث إرسالها بواسطة موجات تنتقل عبر الأثير شاغلة جزء من الطيف لكل تردد. التكنولوجيا الرقمية تقوم بضغط عدد أكبر من القنوات في كل جزء من أجزاء الطيف من خلال توفير القنوات في صورة رقمية ثم تنقل عدد من تلك القنوات بهذا الشكل المرمز في صورة موجات وأخيراً يتم فك تلك الرموز عند وصولها للمستمع. هذه العملية تعني أنه على نفس التردد يكون هناك مزيج من المحطات المرمزه أو المشفره والتي لا يمكن إعتراضها إلا بواسطة جهاز خاص لفك الشفرة (decoder) او ما يعرف بجهاز الإستقبال الرقمي للتليفزيون. أما في حالة الراديو فإن جهاز فك الشفرة يكون مبنياً داخل جهاز الراديو نفسه . الإشارة الرقمية للراديو يمكنها حمل ثمان إلى تسع محطات أو قنوات على نفس الموجات.
شركة "لوسنت" الأمريكية تسعى من ناحية أخرى إلى تطوير تكنولوجـيا جــديدة تسمى In-Band On ا(IBOC) يمكنها بث البرامج الإذاعية الرقمية ضمن قنوات الإرسال التقليدي. الإشارات الرقمية يتم ارسالها داخل قنوات بث موجات FM و AM التقليدية نفسها مما يجعل بالإمكان تحويل جميع الإشارات المرسلة إلى الأسلوب الرقمي لتنتفي الحاجة لشراء جهاز راديو رقمي خاص.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية بدأت في الظهور محطات رقمية تبث برامجها عبر الأقمار الصناعية ويطلق عليها محطات S مقابل موجات FM و AM التي ظهرت في الأربعينات وسوف تؤدي هذه المحطات الجديدة إلى إمكانية تغطية مساحات شاسعة بالإرسال لا يمكن للبث التقليدي المحدود الوصول إليها . ويتطلب البث الفضائي شراء راديو صغير للسيارة يحتوي على بطاقة توضع في فتحة الكاسيت أو جهاز عرض القرص المدمج مع طبق فضائي صغير يوضع خارج السيارة. هذه الخدمات الرقمية تتضمن أجوراً شهريه في حدود عشر دولارات. وتعود أهمية البث الرقمي الموجه نحو المستمعين في السيارات ووسائل النقل الأخرى إلى أن الراديو في السيارة له نفس وزن التليفزيون في المنزل وبالتالي فإن وجود البث الفضائي في السيارة يصبح ضروره عصريه لأن الراديو الإعتيادي بموجاته التقليديه FM و AM لم يعد يغطي طموحات المستمعين الواسعة وبرامجها المختارة حيث أن النظام الرقمي يحتوي على عدد أكبر وأشمل من القنوات بشكل يكفي لتلبية احتياجات المستمعين المتنامي. ويتساءل البعض حول المردودات الإقتصادية لمشاريع الراديو الفضائي الرقمي ، فهل سيتقبل سائقوا السيارات دفع اجور إشتراك شهريه للإستماع إلى برامجه ، وهل سيتوفر العدد الكافي من المستمعين ومن ثم المعلنين. إحدى الصعوبات تكمن في أن الموجه الجديدة التي يرمز لها بالحرف S لا زالت غير قادرة على إيصال إرسالها بصورة جيدة للسيارات التي تسير بسرعة 70 كيلومتر في الساعة إضافة لوجود بعض العوامل الطبيعية التي قد تعيق عملية الإرسال مثل الغيوم والأشجار والجبال وغيرها. إحدى الصعوبات الأخرى للبث الإذاعي الرقمي عموماً هي في ارتفاع تكلفة أجهزة الإستقبال الخاصة به والتي كانت أسعارها في بريطانيا مثلاً خلال عام 1999 تتراوح بين 500 و 1400 جنيه استرليني ، ولا تزال غالبية تلك الأجهزة تتألف من وحدتين منفصلتين الأولى توضع قرب السائق والأخرى في صندوق السيارة.
مزايا البث الإذاعي الرقمي
• يوفر البث الإذاعي الرقمي إرسالاً صوتياً فائق النقاوة يماثل نقاوة الصوت في الأقراص المدمجة مع تحرره من المؤثرات الخارجية التي يمكن أن تؤثر على البث التقليدي.
• عدد أكبر من المحطات مع توفير خيارات أكبر للمستمعين من القنوات المتخصصة.
• إمكانية استقبال البيانات على شاشات الراديو الرقمي وبث المعلومات الرقمية عن حالة المرور وإمكانات التسوق على الخطوط الإلكترونية حيث سيتم تزويد بعض أجهزة الإستقبال بأزرار خاصه لإتمام عملية الشراء عند الرغبة في إقتناء أي بضاعة تعلن عنها المحطة ، ويرتبط جهاز الراديو بهاتف ينفذ عملية الإتصال لشراء البضاعة.
راديو الإنترنت
أعداد متزايدة من المحطات أصبحت تبث برامجها بواسطة الإنترنت ، وما يساعد على زيادة أعداد تلك المحطات هو أن معظم الإصدارات الحديثة من برامج التصفح (browsers) تحتوى على قدرات ذاتيه للإستماع للراديو ، كما أن أجهزة الكمبيوتر اصبحت تحتوي على بطاقة راديو( radio card ) داخليه وإن كانت حسب الطلب إلا أنها متوفرة . ورغم أن هذه البرامج والأجهزة مصممة لإلتقاط البث التناظري إلا أنه يمكن تصميمها لإلتقاط البث الرقمي في المستقبل. من تاحية أخرى فإن الإنتشار الكبير للنترنت وبشكل خاص في المكاتب التجارية والتي تتمتع كثير منها بخطوط ربط سريعة بالإنترنت سوف تجعل جهاز الكمبيوتر يحل محل جهاز الراديو التقليدي في الإستماع إلى الموسيقى والأخبار من خلال ساعات العمل خاصة أن إرسال الرديو داخل المباني التجارية الكبيرة يكون متقطعاً ويفتقد للوضوح . كل هذه التطورات تعني أن استعمال الكمبيوتر لسماع برامج الراديو ستكون في ازدياد سواءاً في المنزل أو في المكتب.
هيئة الإذاعة البريطانية BBC أعلنت خططاً لإطلاق خدمات إنترنت متعددة الوسائط وبمجموعة متنامية من اللغات وهي تهدف لأن تكون الرائدة في مجال تقديم الأخبار مباشرة على الشبكة وتخدم بالتالي عدداً هائلاً من المستمعين والمشاهدين الذين سيتسنى لهم وفي كل أنحاء العالم فرصة التعامل مباشرة مع مذيعي شبكة BBC عبر الشبكة حيث سيتمكن المستمعون من متابعة برامج الشبكة مباشرة بواسطة الإنترنت والإذاعة على حد سواء. كما أنهم سيتمكنون أيضاً من مشاهدة صور فيديو حيه على الشبكة ويمكنهم كذلك التفاعل والمشاركة في النقاش الذي يتمحور كل مرة حول موضوع معين عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني وبعدما يتوقف بث البرنامج على الهواء يستمر تبادل الآراء على موقع الإذاعه على الإنترنت. الشبكة خصصت عام 1999 إثنا عشر مليون جنيه استرليني خلال ثلاث سنوات لتطوير الخدمات المباشرة( online ) كما أنها ستوفر عدداً متزايداً من اللغات بالإضافة للإنجليزية وسيتم الجمع بين البث الصوتي والنصوص والصورة وأفلام الفيديو ومن المتوقع أن تقوم الشبكة بتوفير جميع اللغات التي تبث بها برامجها إذاعياً وهي 40 لغه عبر الإنترنت بحلول عام 2005. ويقول كريس ويستكون رئيس القسم متعدد الوسائط في الإذاعة "نتمتع اليوم بالقدره على استعمال وسيط يعتمد على الصوت والنص والصورة وهذا يغير طبيعة البث الإذاعي بكامله ، ويمكننا بعد الآن أن نعطي مستمعينا المواد التي يرغبون الحصول عليها في المكان الذي يريدون وبالشكل والترتيب الذين يختارونهما ، وبإستطاعتنا تطوير علاقة فرديه مع كل مستمع على حده".
ويعتبر خير مثال على أن شبكة الإنترنت تجعل البرامج في متناول المستمعين الجدد قيام شبكة BBC بإضافة لغة الأوردو على موقعهم على الإنترنت في شهر مارس 1999. ويبلغ عدد الناطقين بهذه اللغة في العالم أكثر من 200 مليون نسمة يعيشون خارج منطقة جنوب آسيا ولا يمكنهم إلتقاط الأخبار المخصصة لتلك المنطقة. أما اليوم فبإستطاعة أي ناطق بهذه الغة يملك إمكانية الدخول على الإنترنت أن يستمع للإذاعة أينما كان.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية تقوم محطة Imagine في نورثقيل في ولاية ميتشغان بتقديم خدماتها على موقعها ، ويستطيع عملاء المحطة مثلاً اختيار مطربيهم المفضلين فقط وحجب باقي البرامج التي لا يرغبون سماعها ، وبذلك يتمكن المستمعين من إعداد برامجهم الإذاعية حسب رغبتهم الشخصية.( أنظر الشكل 2.17 ) .
من ناحية أخرى قامت شركة "شانسلر" الإعلامية في منتصف عام 1999 بإدخال برامج محطاتها الأربعة في فيلادلفيا ضمن الإنترنت تنفيذاً لخططها في استثمار 150 مليون دولار في الخدمات الشبكيه لدمج محطاتها الـ 469 في عموم البلاد بنهاية عام 1999 . وبهذه الخطة تأمل الشركة منافسة كبرى شركات الإعلان من خلال جذب المزيد من الزبائن على الشبكة.
تأثير الإنترنت بدا واضحاً على محطات الإذاعة الأمريكية حيث قامت نصف هذه المحطات الـ 12512 بإيجاد مواقع لهم على الإنترنت رغم أن مشاركة معظمها تتسم بالمحدودية. غير أن عدد المحطات الإذاعية التي تبث برامجها فعلياً على الإنترنت ارتفع من 500 محطة عام 1998 إلى أكثر من 1000 محطة حتى مايو 1999. ويأمل أصحاب هذه المواقع الإذاعيه على الإنترنت أن يتمكنوا من جذب أكبر قدر ممكن من الإعلانات نظراً لقدرة خدماتهم على الإستجابة الفورية لطلبات المستمعين. فبمجرد الضغط على مادة الإعلان يمكن تصفح محتوياته لإصدار أوامر شراء البضائع كالأقراص المدمجه أو طلب المزيد من المعلومات عن السيارات المعروضه من وكلاء البيع.
مصدر آخر للدخل لمحطات الإذاعه على الإنترنت يتمثل في أجور الإشتراكات ، فعلى سبيل المثال تخطط محطة "شانسلر" لجذب 2,5 مليون مشترك لموقعها على الإنترنت من بين مستمعيها البالغ عددهم 80 مليون . وفيما لو تحقق لها ذلك فإنها ستحقق دخلاً قدره 250 مليون دولار كأجور اشتراكات فقط.
آخر التطورات التكنولوجيه في هذا المجال هو في العمل على إنتاج أجهزة جديدة صغيرة تجعل بالإمكان الإستماع إلى المحطات الإذاعيه على الشبكة دون الحاجة إلى جهاز كمبيوتر شخصي. وقد كشفت شركة "كيربانجو" الأمريكية عن جهاز راديو يعمل على الإنترنت تم طرحه في الأسواق عام 2000 بسعر 300 دولار أو أقل. كما عرضت شركة اخرى هي "أوديورامب" جهاز راديو يعمل على الإنترنت بسعر 399 اسمته I-Rad من شأنه أن يشغل ايضاً الأقراص المدمجه الموسيقيه. ويأتي كلا الجهازين بنظام مودم V-90 مع فتحه للوصل بالإنترنت بواسطة الكابلات أو بالطريقة الرقمية . ويتيح راديو I--Rad ايضاً تصفح الإنترنت في حين يتيح راديو كيربانجو الوصول إلى 3000 محطة اذاعيه ومئات الآلاف من الشرائط الصوتيه المتوفرة على الشبكة.
تكنولوجيا جديدة لإسترجاع والبحث داخل محتوى برامج الراديو
أحد الصعوبات التي يواجهها الراديو تتمثل في عدم سهولة إسترجاع (retrieve) البرامج بعد إذاعتها بأسابيع أو أشهر ففي كثير من الحالات لا يكون هناك نسخ للبرامج (transcripts) وإذا وجدت تلك النسخ فإنها تكون على شكل مادة مطبوعة يصعب البحث داخلها ، ومع أن شركات البث تقوم بحفظ نسخ من البرامج القديمة إلا أن تلك النسخ لا تكون مفهرسه بإستثناء إسم البرنامج وتاريخه.
شركة كومباك قامت في سبتمبر 2000 بإختبار تكنولوجيا جديدة على الإنترنت عبارة عن فهرس (index ) يحتوي عى 7195 ساعة من المحتوى الإذاعي لـ 6613 برنامج بعضها يعود إلى شهر مارس 1999 ويتم تحديث ذلك الفهرس يومياً. وحتى يقوم المستخدم بالإستماع فإن كل ما عليه القيام به هو الذهاب إلى الموقع
http://speechbot.research.compaq.com والبحث عن الموضوع الذي يريده بإستخدام keyword حيث تقوم الخدمة باسترجاع المقطوعات الصوتيه والتي يمكن للمستخدم الإستماع إليها عبر كمبيوتره الشخصي. ( أنظر الشكل 2.19 ).
هل تستغل الصحافة الإلكترونيه الفراغ الناتج عن بطء إنتشار راديو الإنترنت؟
تكنلوجيا الإنترنت فتحت أبواباً عديدة بعضها لم تستطع المؤسسات الصحفية التحرك بشكل سريع للإستفادة منه ، والبعض الآخر لا زال متاحاً ويمكن جني الأرباح من خلاله. لقد فقدت الصحف ميزة الريادة وخاصية المصدر الأول للمعلومات والأخبار على الشبكة وذلك لصالح مواقع مثل "ياهو" و"أمريكا أون لاين" و "سي إن إن" وغيرها. هذا في الوقت الذي كانت الفرصة سانحة أمام الصحف لأخذ ذلك الموقع فيما لو أنها تحركت بشكل اسرع .
البعض يتحدث اليوم عن فرصة لازالت متاحة أمام الصحف لتصبح موفر المحتوى الأول في مجالات الإنترنت اللاسلكي وتقديم خدماتها من خلال الجيل الجديد من الهواتف الجوالة والأجهزة اللاسلكية الأخرى. بل إن هناك فرصة أمام الصحف للدخول في مجال راديو الإنترنت والإستحواذ على جزء من المستمعين والمعلنين الخاصين بمحطات الراديو المحلية خاصة أن عدد قليل من المحطات الإذاعية تستفيد حالياً وبشكل جيد من ميزة البث الإذاعي بواسطة الإنترنت. ووفقاً لدراسة قامت بها Arbitron New Media فإن عدد المستمعين لراديو الإنترنت حتى يونيو 2000 لا يزيد عن 1% من إجمالي عدد مستمعي محطات الراديو التقليديه.
شركة Everstream هي شركة تأسست منتصف عام 1999 في مدينة كليفلاند الأمريكية وهي تقدم لعملاءها من الصحف الإلكترونيه خدمات تدفق (streaming) تجعل بإمكانهم بث االمحتوى الخاص بهم على الإنترنت بشكل قابل للتفصيل (customizable) ويبلغ عدد عملاء هذه الشركة من الصحف الإلكترونية حتى يونيو 1999 مائتا صحيفة إلكترونية منها 125 بدأت العمل فعلياً ، وهي تقدم لمستخدمي الإنترنت خدمات تحمل إسم تلك الصحف وتجعل بإمكانهم الإستماع إلى العديد من قنوات الموسيقى والإعلانات المختلفة ومحتوى صوتي قابل للتغير حسب حاجة العميل وهي في ذلك تتبع أسلوباً مختلفاً عن ذلك المتبع في كثير من قنوات راديو الإنترنت حيث أنها تساعد عملاءها من الصحف على تطوير محتوى صوتي محلي يشتمل علىعناوين الأخبار الرئيسية وتسجيلات موسيقية ، بل إن بعضاً من تلك الصحف قامت بتأسيس أستوديوهات خاصة داخل غرف الأخبار لتحويل المحتوى المكتوب إلى صوت يتم بثه على الإنترنت. الميزه التي تتيحها هذه الشركة هي أنها تجعل بإمكان المستخدم تفصيل ما يريد الإستماع إليه وفق رغبته ، حيث أنها قامت بتطوير وسائل تجعل من الممكن لألف مستمع إختيار ما يريدون الإستماع إليه. ولم تكتف شركة Everstream بتقديم خدماتها الصوتيه للصحف الإلكترونيه فقط ولكنها تخطط لتقديم خدمات فيديو لتلك الصحف .( أنظر الشكل رقم 2.20 )
هل مستقبل الراديو التقليدي في خطر بسبب التكنولوجيا الرقمية ؟
الراديو التقليدي لازال يتمتع بشعبية ومزايا فائقة القوة وبالتالي فإنه ليس من المتوقع للراديو الرقمي أن يشكل خطراً على المدي المرئي لصناعة الراديو التقليدي. ميزة الراديو التطفليه (intrusiveness ) مثلاً تجعل منه وسيلة إعلانيه ليس من السهل منافستها. كذلك فإن سهولة الإستعمال والنقل التي سيستمر الراديو في الحفاظ عليها تعطيه قوة أمام أي منافسة أخرى.
لقد تمكن الراديو منذ ظهوره في العشرينات من الصمود أمام كافة التطورات التكنولوجيه الحاصله لدى وسائل الإعلام الأخرى وظل وسيلة إعلام جماهيري ذات إنتشار لا يضاهى ففي بريطانيا مثلاً يستمع 90% من السكان إلى الراديو بمعدل 3 ساعات يومياً Green, 2000) . بإختصار فإن التطورات الرقمية الحاصلة في وسائل الإعلام الأخرى لا يتوقع منها أن تكون قادرة على تغيير العلاقة التاريخية القوية بين الراديو والمستمع ، كما أن الراديو الرقمي سوف يؤدي إلى تقوية تلك العلاقة وليس العكس.
سينما رقمية ايضاً :
صناعة السينما نالت نصيبها ايضاً من الجدل الدائر حول تأثير تكنولوجيا الاعلام الجديد حيث توقع البعض ان تؤدي تلك التطورات الى الغاء الحاجة للذهاب لدور عرض الافلام السينمائية 0 أحد التغيرات التي تشهدها صناعة السينما حالياً يتمثل في ان العدد الاكبر لمرتادي دور العرض اصبح من جيل الشباب وصغار السن والذين اصبحت خيارات الترفيه امامهم اليوم كبيرة ومتنوعة اكثر من أي وقت مضى ، وهذا مما أدى الى انخفاض الطلب على تذاكر الافلام السينمائية ( شكل Cinema ) .
عموماً فأن صناعة السينما ستكون قادرة على مواجهة هذه التطورات التكنولوجية الجديدة بل والاستفادة منها لتعزيز موقفها التنافسي 0 قبل حوالي اربعين عاما مثلاً شهدت صناعة السينما الامريكية انخفاضاً موثراً في مداخليها تمكنت من تجاوزه بطرق جديدة مبتكرة ومنها انها اصبحت مركز انتاج اساسي لصناعة التلفزيون الجديدة ، كما انها تمكنت بالمثل الاستفادة من النمو الكبير في مجالات اشرطة الفيديو والكيبل التلفزيوني 0 وترى شركات الانتاج السينمائي في هوليود اليوم فرصا جديدة للربح من خلال انتاج افلام عالية الوضوح High definition films)) لشبكات التلفزيون والكيبل ولدور العرض الخاصة بالافلام السينمائية 0
التكنولوجيا الجديدة دخلت بقوة الى المجال السينمائي فحولته الى صناعة مثيرة في قدراتها وادائها ، فما نشاهده اليوم من لقطات لحيوانات خرافية على الشاشة ومناظر مبهره ليس سوى انواع من الخدع التي لعب على الكمبيوتر وبعض التقنيات المتطورة دوراً اساسياً في انجازها. وهناك بوادر تشير الى ان هذه الصناعة تقف الآن على عتبة تغييرات شاملة ستغير وضعها الاقتصادي والتكنولوجي على حد سواء ، فالصور التي ستعرض على الشاشة البيضاء ستكون اكثر صفاءاً وسيصاحبها اسلوب جديد في المؤترات الفنية على مسرح الاحداث الجارية ضمن السيناريو المعروف 0
سينما الكترونية :
يتوقع اصحاب دور عرض الافلام طرح الجيل الجديد من اجهزة عرض الافلام الرقمية قبل حلول عام 2002 حيث ستتم الاستعاضة وقتها عن البكرات الثقيلة لافلام 35 مليمترا التي يبلغ قطرها عدة اقدام ، بأجهزة عرض الكترونية تعمل بأشرطة ممغنطة أو اقراص رقمية 0 وكانت شركة تكساس إنسترومنتس سباقة في هذا المجال بانتاجها الذي يعتمد الرقائق الاكترونية وملايين المرايا المتناهية الصغر بهدف اظهار الصور بدقة اكثر وبالوان مطابقة للاصل وكأن المشاهد الجارية تحصل فعلاً امام المتفرج 0وتبلغ تكاليف اجهزة العرض الجديدة حوالي 100 الف دولار مقارنة بـ 30 الف دولار للعارضات التقليدية 0
وبفضل هذه التكنولوجيا الجديدة لن يكون هناك حاجة لاستيراد الاف البكرات السينمائية 0 فاذا علمنا ان كل نسخة مصورة تكلف 2000 دولار وان كل فيلم يحتاج الى 5000 من هذه النسخ ، يمكن عندها معرفة مقدار التكاليف العالية للافلام السينمائية عند اخراجها وعرضها بالطرق التقليدية 0
غير ان هذه المصاريف سيكون بالامكان تخفيضها بدرجة كبيرة بفضل التكنولوجيا الجديدة، فالمشاهد السينمائية سيتم ارسالها مباشرة الى دور العرض من خلال شبكة الاتصالات عبر الاقمار الصناعية وبذلك ستكون الفائدة عامة لانها ستشمل دور العرض السينمائية اضافة الى الاستديوهات التي تجري بداخلها مشاهد الافلام 0 ويصاحب هذا الاسلوب المتطور في عرض الافلام جودة فنية ونوعية حيث ان عملية الاستنساخ التقليدية للنسخة الاصلية تفقد المشاهد بعض جودتها ووضوحها ، ويمكن ملاحظة ذلك بعض عرض هذه الافلام لمرات عديدة حيث تظهر اثار التلف والاستهلاك من كثرة الاستخدام 0 هذه المشكلة اصبح بالامكان التغلب عليها من خلال استخدام ماكينة " تيليسيني " التي تستنسخ الاشرطة رقمياً لتكون مطابقة للاصل 0 وتقوم العارضات الرقمية باظهار الصور من خلال المعلومات المخزنة في الكمبيوتر بدلاً من الاستخدام القديم الذي يعتمد فتح الضياء الوهاج خلال دوران الشريط الذي يصور احداث الفيلم 0 وتتم العملية بأسلوب يشبه عمل محرك القرص المدمج او نظام الاقرص الرقمية المتعددة الوسائط حيث تترجم المعلومات الى صوت وصورة في نفس الوقت. عملية نقل الافلام الى دور العرض تتم بهيئة اشرطة الكترونية او اقراص مدمجة ، غير انه من المتوقع ان تتم العملية عبر الاقمار الصناعية في المستقبل 0
هذا الابتكار سيكون مفيدا لاصحاب دور العرض الذين يهمهم ان يكونوا اول من يستلم النسخ الاولى من الافلام الرائجة حيث يعاني سكان المدن الصغيرة من تأخر مشاهدتهم لمثل هذه الافلام لعدة اسابيع لحين وصولها لأماكنهم 0 أما الان فقد اصبح من الممكن التغلب على هذه العقبات بفضل التكنولوجيا الرقمية والاتصالات الفضائية 0
المشكلة هو ان هناك احتمالات لسرقة النسخ الاصلية للافلام عند ارسالها عبر الفضاء المعلوماتي باستخدام التكنولوجيا الجديدة ، حيث تشير التوقعات الى ان صناعة الافلام السينمائية تخسر سنوياً ثلاثة مليارات دولار نتيجة عمليات الاستنساخ غير القانونية للافلام ، وهذه الارقام ستكون اكثر ارتفاعاً اذا حدثت القرصنة الفضائية في وقت مبكر نتيجة لعرض النسخ الاصلية بأسعار متدنية جداً 0 وقد توصلت شركة " كوالكوم " لوسيلة فنية تحمي بواسطتها الافلام الجديدة من امكانية اعتراضها اثناء عملية الارسال بواسطة الاقمار الصناعية حيث تأمل الشركة بهذه التكنولوجيا تحجيم عمليات القرصنة بدرجة كبيرة ( 1 ) 0